الأستاذ الدكتور أحمد يوسف الزعبي
الجامعة الأمريكية – مادبا
مستشار معماري وخبير في التصميم والتخطيط الحضري
يُعد جعفر طوقان (أبو إبراهيم) (1938–2014) من أشهر معمارِيّ الحداثة في الأردن والوطن العربي، ولد في القدس عام 1938، لعائلة نابلسية عُرف عنها الإنحياز للإبداع الفني والعطاء المتميز على حساب الكسب المادي، فوالده الشاعر إبراهيم طوقان كان أحد الشعراء المعروفين والمنادين بالقومية العربية والمقاومة للاستعمار الأجنبي، وعمّته فدوى طوقان واحدة من أشهر الشاعرات العربيات في القرن الماضي التي اصطبغت قصائدها بالحب والثورة.
وقد التحق جعفر طوقان بالجامعة الأميركية في بيروت عام 1955 وتخرج منها حاملاً درجة البكالوريوس في الهندسة المعمارية عام 1960، وعمل في بداية حياته في قسم تصميم الأبنية بوزارة الأشغال في الأردن، ثم انتقل بعد ذلك للعمل في بيروت، مما أتاح له فرصة التواصل والاحتكاك والنقاش مع كبار المهندسين العرب والأجانب، والإطلاع على تنوع المدارس المعمارية في العالم آنذاك، وفي تلك الفترة قام بتصميم مسجد عائشة بكار في بيروت (1970) بأسلوب تميز بجرأته وحداثته في تصميم المساجد.
وفي منتصف السبعينيات، عاد جعفر إلى عمان وأسس شركة جعفر طوقان وشركاه، مهندسون مستشارون (1976)، وفي عام 2003 اندمجت الشركة مع شركة إتحاد المستشارين ليصبح المعماري الرئيس في ذلك الإتحاد، وراحت تصاميمه تمتد في أرجاء الأردن والوطن العربي.
يقول جعفر في احدى المقابلات بأن العمارة هي الوعاء الذي يحتوي حياة الإنسان وعمله ونشاطاته، فهي بهذا جزء لا يتجزأ من حياة الإنسان اليومية، والعمارة هي أيضاً مجموعة المفردات التي تشكل البيئة الحضرية المسكونة بفراغاتها وأجوائها التي تؤثر بشكل مباشر على سلوكيات الإنسان وتفاعله مع الآخر.
كما أشار بأن الإنجازات المعمارية في الأردن، وخلال الثلاثة عقود الأخيرة، حققت نقلة نوعية من حيث الناتج المادي المحسوس وانعكاساته الثقافية، وهنالك خلفية ثقافية في الأردن تعكس وعياً ناضجاً لواقع البلد الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.
قام جعفر بتصميم العديد من المشاريع المعمارية المتميزة في الأردن، إذ قام بتصميم مباني جامعة العلوم والتكنولوجيا بالتعاون مع كنزو تانغ، أحد أشهر رواد العمارة اليابانيين في القرن العشرين، كما صمم مبنى أمانة عمان الكبرى الجديد بالتعاون مع المعماري راسم بدران، وعمل على تصميم متحف الأردن، ومبنى بنك الأردن، ومبنى الشركة العربية للتأمين، وفندق ومنتجع ماريوت البحر الميت، وقرية الأطفال SOS العقبة، وفندق هوليداي إن، ومجمع مدرسة اليوبيل.
وعمل جعفر على مشاريع نوعية، حيث قام بتصميم مكتب الملكة نور الحسين، وضريح الراحل الكبير الملك الحسين، كما كُلّف بتصميم المخطط العام لحدائق الحسين بالتعاون مع شركة أجنبية متخصصة، إضافة لتصميم متحف السيارات والقرية الثقافية ومبانٍ أخرى في حدائق الحسين، وكذلك مجمع المكاتب الجديدة للديوان الملكي العامر، وعلى الصعيد العربي، قام بتصميم ضريح الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، ومشروع دار الحديث في المدينة المنورة في السعودية، ومبنى شركة نفط أبوظبي للتوزيع.
وقد حاز جعفر عبر مسيرته المعمارية على مجموعة من الجوائز الدولية منها: جائزة الآغا خان للعمارة لعام 2001، جائزة فلسطين للعمارة لعام 1999-2000، جائزة المدينة المنورة للعمارة السعودية لعام 1997 وغيرها، بالإضافة إلى حصوله على شهادة الدكتوراه الفخرية في العمارة من جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية عام 2011 تقديراً للإنجازات المعمارية التي حققها في الأردن والمنطقة العربية.
ويبقى القول بأن جعفر يعتبر واحداً من أشهر معماري الحداثة في الأردن والوطن العربي، وقد ساهم بتصاميمه المميزة في تطوير اللغة والهوية المعمارية الأردنية المعاصرة، كما يعتبر رائداً من رواد العمارة على المستوى المحلي والعربي، وقام بعمل تصاميم معمارية تُعد من أهم ما أنتجته عمارة الحداثة العربية من خلال مسيرة طويلة من العمل الاستشاري المبدع والخبرة المهنية المتواصلة.
18-آذار-2018 00:00 ص